الاستشهادي المجاهد سامر ابو سيف

الشهيد سامر أبو سيف..أذاق الصهاينة الموت الزؤام



الشهيد سامر أبو سيف..أذاق الصهاينة الموت الزؤام

غزة - صابرون
18/7/2009

هم مؤمنون اصطفاهم الله تعالى لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ففازوا و ربحت تجارتهم... فأكرمهم الحي القيوم بالحياة بيننا مع أننا لا نشعر بذلك، يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) [البقرة: 154].
الحديث عن الشهداء شيئ من الصعوبة لأن من يكتب عن الحدث ويصف الموقف ليس كمن يقدمه ويصنعه بروحه ودمه فالكلمات هنا لا تسعف مدونها لأنها تذوب تماما أمام تضحياتهم وعطائهم لكننا نقتبس من رحيق جهادهم مسكا نعطر به حياتنا لتكون دائما ممزوجة برائحة الشهداء، فنحتفي بهم ونقتفى أثر جهادهم ونصنع من أسمائهم ومواقف عزتهم ورجولتهم ، ومشاهد تضحياتهم العظيمة سجلات مجد أمتنا ، فهم الذين اقتحموا ساحات الوغى ومضوا في دروب المواجهة الوعرة وصعدوا جبال الكرامة يحملون أرواحهم على أكفهم وقد جعلوا من أنفسهم وقود الاستمرار الباهظ لمسيرة الحق المنتصر حتى بلغت أجسادهم سدة المجد ومرتقي الشهادة ، نقف اليوم في ظلال سيرة مجاهد من جامعة الشهداء الشهيد سامر حلمي أبو سيف.
الميلاد والنشأة
كان مخيم النصيرات في الرابع من فبراير عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانون على موعد مع ميلاد بطل جديد، وهو الشهيد المجاهد" سامر حلمي أبو سيف" "أبو محمد" في أسرة متواضعة وملتزمة بالدين الإسلامي تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرف واجبها نحو دينها، تعود أصولها إلى بلدة (جولس) حيث هاجر أهله في العام 1948م مع باقي الفلسطينيين ليستقر بهم الحال في مخيم النصيرات ،وتتكون أسرته من والده وأختين ، وقدر الله أن يكون الشهيد الأول بين اخوانه ،حيث أن الشهيد عاش يتيم الأم لم يذق حنان الأم كباقي الأطفال حيث منذ الصغر برزت كافة جوانب حياته لينشأ الطفل الذي عرف بهدوئه الجم الذي يحمل بين طياته شجاعته وقوة بديهته، والذي دفع من حوله إلى أن يحبه ويعمل على القرب منه.
تحمل المسؤولية
التحق شهيدنا بمدرسة النصيرات ليدرس المرحلة الابتدائية ومن ثم درس المرحلة الإعدادية في ذات مدرسة، ثم انتقل لدراسة الثانوية في مدرسة خالد بن الوليد حيث كان مهتما بدراسته ومواظبا على حفظ دروسه، إلا أنه لم يكمل مشواره التعليمي بسبب سوء الأحوال الاقتصادية ومساعدة والده المريض في مصروف أسرته ، ونظرا لترتيبه الأول بين إخوته اضطر لتحمل جزء من المسؤولية عن كاهل والده .
صفاته وعلاقته بالآخرين
لا يمكن وصف علاقة هذا البطل لان القلم والورقة لا يكفيان للتعبير عن عطاء" أبا محمد " يكفي القول انه كان بارا بوالده محبا لأخواته وكان عطوفا كريم الخلق وعلى دين .
نشأ شهيدنا المجاهد وتربي في المساجد بين حلقات الذكر والقرآن حيث كان حريصا على الصلوات الخمس في مسجد الإحسان وكان مداوما على صلاة الفجر يناجي ربه أن يرزقه الشهادة في سبيله لإعلاء كلمة لا اله إلا الله.
ارتبط الشهيد بعلاقات طيبة مع الجميع حيث تشهد له النصيرات بمساجدها التي احتضنه وأرضعته حب الجهاد والاستشهاد ،ولا سيما وهو الذي تميز بدماثة خلقه وأدبه المتفرد وصفاته الحميدة فكان مثال الشاب المتواضع الهادئ الصبور المتسامح.
رفيق الشهداء
كان الشهيد شجاعا باسلا متواضعا ومتفانيا في عمله في سبيل الله ولخدمة أبناء الحركة فكان نعم المجاهد ،فأينما طلب منه العمل كان يلبي النداء بصمت وسرية ، كيف ولا وهو قوي النية صاحب الصوت الهادر على الظلم والإجحاف ، فكان يحمل صفات القادة والقدوة وأينما تراه تنظر إليه في الصفوف الأولى ..في الصلوات ...في الاجتياحات ...في الرباط على الثغور ..في قيام الليل ...حتى في الصحبة قد تميز بصداقة حميمة بعدد كبير من القادة الشهداء أمثال الشهيد على بدوان وأسامة زقوت وعمار شاهين والعديد من الشهداء الذين قضوا نحبهم مع الصديقين والأبرار ، فكانت علاقات أخوة ومحبة في الله أكبر من كونها تنظيمية فعاش معهم سيرة الجهاد وتعلم منهم الصبر عند الشدائد .
مشواره الجهادي
مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة 2000م، قرر الشهيد سامر الالتحاق بركب جيل العقيدة ،ليحمل في قلبه رسالة الإيمان والجهاد وإرجاء القضية إلى مسارها الصحيح لأنه يعلم أنها القضية الاعدل في العالم ومنبع الخلافة الراشدة في آخر الزمان .
فانضم الشهيد إلى حركة الجهاد الاسلامى في فلسطين ، اختير ليكون ضمن صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامى فكان مثالا للجندي المجهول حيث عمل بلا كلل ولا ملل ليصبح "أبا محمد" من بعد ذلك قائدا ومسؤولا لوحدات المرابطين في منطقة .
*كان الشهيد مرابطا صابرا محتسبا أجره على الله وكان لا يفرق بين مجاهد وأخر وكان محبا لجميع المجاهدين ، وقام بإطلاق العديد من قذائف الهاون على المغتصبات المحاذية للمنطقة الوسطى .
عرس الشهيد
هكذا هم الشهداء يغادرون دنيانا فجأة رغم توقعنا لاستشهادهم في كل لحظة ولا نجد تفسيرا لرحيلهم إلا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ).
ففي صباح الخميس ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 11 من ذي الحجة 1428هـ الموافق 20/12/2007م كان شهيدنا على موعد مع الشهادة حيث كان هو ومجموعة من إخوانه المجاهدين في سرايا القدس متجهين إلى منطقة الاجتياح في مخيم" المغازى " حيث هب الشهيد لردع بني صهيون والوقوف له بالمرصاد وذلك بوضعه خطة عسكرية لاقتحام منزل كانت تعتليه القوات الخاصة الصهيونية ليرد على جرائم الاحتلال ، فقام الشهيد مع رفيق دربه الشهيد حمزة أبو طيور في تمام الساعة الثانية والنصف مساءا باقتحام المنزل بضرب باب المنزل بقذيفة RBG وقاموا باشتباك وصفه أهل المنزل بأنه أعنف اشتباك حيث سمعوا صرخات الجنود وهم يبكون ويرتعدون خوفا من هؤلاء المجاهدين الأبطال ،واستمر الاشتباك لمدة ثلاثين دقيقة حيث اقتحموا المنزل ليوقعوا العديد من الخسائر في القوة الصهيونية الخاصة فحوصروا في المنزل ليرتقوا شهداء ويلحقوا بركب الشهداء الأبرار الذين سبقوهم على ذات الشوكة مقبلين غير مدبرين .....فبوركت دماؤكم الزكية التي كانت لنا نورا نهتدي بها ونارا تحرق بني صهيون ....فقامت جماهير النصيرات الغفيرة بتشييع الشهيد وأصواتها تهدر بالانتقام للشهداء ..فهنيئا لك الشهادة يا أبا محمد .